اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 60
أما ابن طوق فقد أوفى بذمته ... كما وفى بقلاص النجم حاديها «1»
وقال ابن قتيبة: يقال: وفيت بالعهد، وأوفيت به، وأوفيت الكيل، لا غير.
وفي المراد بعهده: أربعة أقوال: أحدها: أنه ما عهده إليهم في التوراة من صفة محمّد صلّى الله عليه وسلّم، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: أنه امتثال الأوامر، واجتناب النواهي، رواه الضحاك عن ابن عباس.
والثالث: أنه الإسلام، قاله أبو العالية. والرابع: أنه العهد المذكور في قوله تعالى: وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً [2] ، قاله قتادة.
قوله تعالى: أُوفِ بِعَهْدِكُمْ قال ابن عباس: أدخلكم الجنة.
قوله تعالى: وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ، أي: خافون.
[سورة البقرة [2] : آية 41]
وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41)
قوله تعالى: وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ، يعني القرآن مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ يعني التوراة او الإنجيل، فإن القرآن يصدقهما أنهما من عند الله، ويوافقهما في صفة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ. إنما قال: أوّل كافر، لأن التقدّم الى الكفر أعظمَ من الكفر بعد ذلك، إذ المبادر لم يتأمل الحجة، وإنما بادر بالعناد، فحاله أشد. وقيل: ولا تكونوا أول كافر به بعد أن آمن، والخطاب لرؤساء اليهود. وفي هاء «به» قولان: أحدهما: أنها تعود إلى المنزّل، قاله ابن مسعود وابن عباس. والثاني: أنها تعود على ما معهم، لأنهم إذا كتموا وصف النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو معهم، فقد كفروا به، ذكره الزجاج. قوله تعالى: وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ. أي: لا تستبدلوا ثمناً قليلاً. وفيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه ما كانوا يأخذون من عرض الدنيا. والثاني: بقاء رئاستهم عليهم. والثالث: أخذ الأجرة على تعليم الدين.
[سورة البقرة [2] : آية 42]
وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42)
قوله تعالى: وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ. تلبسوا: بمعنى تخلطوا. يقال: لبست الأمر عليهم، ألبسه: إذا عميته عليهم، وتخليطهم: أنهم قالوا: إن الله عهد إلينا أن نؤمن بالنبي الأمي، ولم يذكر أنه من العرب. وفي المراد بالحق قولان: أحدهما: أنه أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم، قاله ابن عباس، ومجاهد وقتادة، وأبو العالية، والسدي ومقاتل. والثاني: أنه الإسلام، قاله الحسن.
[سورة البقرة [2] : آية 43]
وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)
قوله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ. يريد: الصلوات الخمس، وهي هاهنا اسم جنس، والزكاة: مأخوذة من الزكاء، وهو النماء والزيادة. يقال: زكا الزرع يزكو زكاء. وقال ابن الأنباري:
(1) في «اللسان» قلاص النجم: هي العشرون نجما التي ساقها الدبران في خطبة الثريا كما تزعم العرب. انظر مادة- قلص-. والبيت لطفيل الغنوي. [2] المائدة: 13.
اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 60